مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 1/30/2022 01:30:00 ص
الحب .. بحاجة إلى رسالة .. الجزء الأول - شهد بكر
الحب .. بحاجة إلى رسالة .. الجزء الأول - شهد بكر 
تصميم الصورة وفاء المؤذن

 ذات يوم ، كنت أنظف حديقة المنزل الصغيرة ، أسقي أزهارها ، و أصبُّ كلَّ اهتمامي على ياسميناتها ..

أشمَّ رائحة التراب اللطيف .. و أبتسم للبلاط النظيف ..

كل شيء هنا طبيعيٌّ و أنيق ..


في الحقيقة ، كنتُ شاردةً بأفكاري ، أحاول حسم قراري .. 

قرارٌ نقع في حيرته مهما حاولنا الفرار منه ..

" أحبه .. لا أحبه .. "


و تكرر صدى هذه العبارة في أعماقي ، محاولةً البحث عن إشارة واحدة تخبرني بالصواب ..

و بينما كنتُ أعتني بعالمي الخاص ..

 لاحظتُ وجود صندوقٍ صغيرٍ قديم ..

بدايةً لم يكن واضحاً معي ، كان قد حُفر تحت التراب ، و جزء بسيط منه ظاهرٌ للعيان ..

أثار فضولي الأنثوي ، نبّشتُ بكلتا يداي ، و كأنَّ كنزاً ثميناً ينتظرني .. 

و إذ بي أجد الصندوق ، أحدّق به لثوانٍ معدودة ..

(( هل سأجد جوابي هنا ؟! ))

لكنني أعدته إلى مكانه .. و دخلت إلى المنزل ..


و في صباح اليوم التالي ..

بحثتُ عنه .. و لم أجده ..

عندها علمتُ أنَّ جواب هيامي (( لا .. ))

لحظتها ، نادت لي جدتي ، قالت أنها ستهبني سرها السرمدي ..


و مدّت بيديها المتعجدتين .. ذلك الصندوق العجيب ..

و قالت .. (( قد تجدين طريقك هنا .. ))

رُسمتْ على ملامحي تعابير الصدمة ، و قلتُ لها دون تفكير : كيف علمتي يا جدتي ؟! 

- الحب يا عزيزتي ليس بحاجة للبوح .. و لا للقرار ..

 الحب .. بحاجة إلى .. رسالة ..

لم أفهم معنى جملتها ، لكنني أستأذنتُ منها .. و أخذت معي .. قصتها الجوهرية ..

دخلت إلى غرفتي .. أقفلتُ الباب على نفسي ، وضعته على سرير ، و غصتُ إلى أعماق حلمٍ جميلٍ و مريح ..


و عندما أستيقظت .. أيضاً .. لم أجده ..

اختفى للمرة الثانية .. هذه دلالة أخرى لعدم وجود الخير المُقبل مع هذه العلاقة ..

لكن هذه المرة كنت متوترة من اختفائه ، لم أستطع إظهار اللامبالاة .. 

بحثتُ عنه جيداً .. في كلِّ مكان .. حتى أنني سألت جدتي عنه ، و إجابتها كانت صاعقة على كياني 

(( أي صندوق يا ابنتي ؟! أوتذهين ؟! ))


لم تقتنع أبداً بما حدث ، و بدأت أصدق أنني أهذي .. لكن بداخلي شيءٌ خفي ..

شيءٌ يجعلني أبحث عن الصندوق في كل ثانية تمضي بعيداً عنه ..

و في الليل ، فكرت بما حصل ، في المرتين التي ضاع مني ، كنت أحاول الهرب من قول الحقيقة ، و إعلان فكِّ الأحجية ..


(( الحب .. بحاجة إلى .. رسالة )) 


تذكرتُ كلمات جدتي ، نعم .. الحب بحاجة إلى ذلك .. 

بحاجة إلى ورقةٍ بيضاء دافئة ..

بحاجة إلى قلمٍ أزرقٍ كوني ..

بحاجةٍ إلى .. قرارٍ ذاتي ..


دون إشارات .. دون تردد .. 

فالحب الذي يجعلنا نحلّق في سماء الحياة .. هو بحد ذاته إشارة لفرد أجنحتنا دون معاناة ..

انتصب جسدي ، و أمسكتُ هاتفي .. اتصلتُ به .. في تمام الساعة الثالثة فجراً .. 

ابتعدتُ عن كل بدايات العاميّة .. و أخبرته ببدايةٍ ارتجاليّة ..

(( قلبي .. قلبي طار الآن .. و حطَّ فوق غصن حلمك .. ))


ضحك بلطفه المعهود ، و صمت ، يريد سماع المزيد ، يريد الارتواء بالمزيد ..

(( أنا و أنت لا يحقُّ لنا سوى العيش .. سوى التنفس .. 

لا يحقُّ لنا الحياة .. سوى معاً .. أنا .. ))

أجزاءٌ من لحظاتٍ زمنية ، أوقفت عروق دمائنا عم الجريان .. أخذتُ نفساً عميقاً جمعت به كلَّ موجودات الزمان ..

(( أقرأك .. ))

كنتُ أخشى أن ينفجر ضاحكاً ، و يسخر من استبدالي كلمة الأفلام و العوام .. 

لكنه أجابني بذات وتيرة عشق الألحان : (( أكتبك .. ))

و للحكاية تتمة .. و للتتمة .. صندوقٌ وجودي  ..


بقلمي: شهد بكر

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.